إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

الحذر من المشبهة المجسمة الوهابية
 
ذكر ابن المعلم القرشي في كتاب نجم المهتدي (ص 588) ما نَصُّه (عن عَليّ رضيَ اللهُ عنهُ قَالَ سَيَرجِعُ قَومٌ مِنْ هَذِهِ الأُمّةِ عِندَ اقتِرَابِ السّاعَةِ كُفّارًا قَالَ رَجُلٌ يَا أَمِيرَ المؤمنينَ كُفرُهُم بماذَا أَبِالإحْدَاثِ أَم بِالإنْكَارِ فَقالَ بل بالإنكَارِ يُنْكِرُونَ خَالِقَهُم فيَصِفُونَه بالجِسمِ والأَعضَاء).
 
الوهابية تثبت لله الحد وتقول بأن من أنكره فقد كفر بالتنزيل نقله ابن تيمية عن أحد المجسمة وأقره عليه (كتابهم المسمى تلبيس الجهمية 427-1).
 
ويقول ابن تيمية أيضًا (موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول 9 2-2-30 دار الكتب العلمية بيروت) نقلاعن أحد المجسمة موافقًا له (وقد اتفقت الكلمة من المسلمين والكافرين أن الله في السماء وحدوه بذلك). اهـ
 
بينما ينقل الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته المشهورة إجماع الأمة على تنزيه الله عن الحد فقال (تعالى (أي الله) عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات).
 
الوهابية يثبتون لله تعالى الصورة (كتاب التنبيهات لصالح بن فوزان ولابن باز ص69).
وقد روى البيهقي بإسناد صحيح عن ابن عباس قال (تفكَّروا في كل شىء ولا تفكَّروا في ذات الله) (الأسماء والصفات ص 420 دار إحياء التراث العربي بيروت).
 
وقد قال الإمام أحمد فيما رواه عنه الإمام البيهقي في كتاب اعتقاد الإمام المبجل أحمد بن حنبل قوله (مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك).
 
ورد في صحيفة 196-2 من الفتوحات الربّانية على الأذكار النووية للعالم المفسّر محمد بن علاّن الصدّيقي الشافعي الأشعري المكّي المتوفّى سنة 1057 هجرية رحمه الله تعالى في باب الحثّ على الدعاء والاستغفار في النصف الثاني من كلّ ليلة ما نصّه (وأنّه تعالى منزّه عن الجهة والمكان والجسم وسائر أوصاف الحدوث، وهذا معتقد أهل الحقّ ومنهم الإمام أحمد وما نسبه إليه بعضهم من القول بالجهة أو نحوها كذب صراح عليه وعلى أصحابه المتقدمين كما أفاده ابن الجوزي من أكابر الحنابلة وما وقع في كلام بعض المحدّثين والفقهاء ممّا يوهم الجهة أوالتجسيم أوّله العلماء وقالوا إنّ ظاهره غير مراد فعليك بحفظ هذا الإعتقاد واحذر زيغ المجسّمة والجهمية أرباب الفساد). إنتهى بحروفه
 
الجهمية هم اتباع جهم بن صفوان وكان من مذهبه أنّ الجنة والنار تفنيان كما يفنى سائر الأشياء، وأنّ كلام الله حادث، وهذا كفر صريح (107 من التبصير في الدين لأبي المظفّر الأسفراييني).
 
ورد في صحيفة 55 من كتاب (قاعدة في الجرح والتعديل للإمام تاج الدين السبكي ما نصّه) (وقد وصل حال بعض المجسّمة في زماننا إلى أن كتب شرح صحيح مسلم للشيخ محيى الدين النووي رحمه الله وحذف من كلام النووي ما تكلّم به على أحاديث الصفات فإنّ النووي أشعريّ العقيدة). اهـ
 
ذكر في صحيفة 144 من الفتاوى الحديثية لإبن حجر الهيتمي المُتوفّى سنة 973 هجرية عقيدة إمام السُنّة أحمد بن حنبل (هي عقيدة أهل السُنّة والجماعة من المبالغة التامّة في تنزيه الله تعالى عمّا يقول الظالمون والجاحدون عُلُوّا كبيرا مِن الجهة والجسمية وغيرهما مِن سائر سمات النقص بل وعن كل وصف ليس فيه كمال مُطْلق، وما اشتهرَبين جهلة المنسوبين إلى هذا الإمام الأعظم المجتهد مِنْ أنّه قائل بشىء مِن الجهة أو نحوها فكذب وبهتان وافتراء عليه فلَعن اللهُ مَنْ نسبَ ذلك إليه أو رماه بشيء من هذه المثالب التي برّأه الله منها…..ولمْ نعلمْ أحداً مِن فقهاء الشافعية ابتُلي بهذا الاعتقاد الفاسد القبيح الذي ربما أدى إلى الكفر والعياذ بالله إلاّ ما نُقِل على العمراني صاحب البيان ولعلّه كذب عليه أو أنّه تاب منه قبل موته بدليل أنّ الله نفع بكتبه شرْقا وغرْبا، ومنْ على ذلك الاعتقاد لا ينفع الله بشىء مِن آثاره غالبا).
 
البيان في شرح المهذّب لأبي إسحاق الشيرازي في الفروع ليحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليماني الشافعي (487 هجرية 558 هجرية) بعض الأقوال الكفرية المذكورة في كتب ابن تيمية فيما يتعلق بدفاعه عن المجسمة ونسبته الجهة إلى الله تعالى.
 
قال ابن تيمية في كتابه الذي سماه (التأسيس في رد أساس التقديس 1-100 ما نصه) (ولم يذم أحد من السلف أحداً بأنه مجسم، ولا ذم المجسمة) وقال أيضا في نفس الكتاب (101-1) ما نصه (وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا قول من السلف الأمة وأئمتها أنه ليس بجسم وأن صفاته ليست أجسامًا ولا أعراضًا؟! فنفي المعاني الثابة بالشرع والعقل بنفي ألفاظ لم ينف معناها شرع ولا عقل، جهل وضلال). اهـ
 
وقال أيضا في نفس الكتاب (109-1) ما نصه (وإذا كان كذلك فاسم المشبهة ليس له ذكر بذم في الكتاب والسنة ولا كلام أحد من الصحابة والتابعين). اهـ
 
وقال في نفس الكتاب (111-1) مُثبتًا الجهة لله تعالى مع التصريح والعياذ بالله ما نصه (والباري سبحانه وتعالى فوق العالم فوقية حقيقية وليست فوقية الرتبة). اهـ
 
الرد:
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه فيما نقل ابن المعلم القرشي عنه في كتاب نجم المهتدي (ص 551) عن كفاية النبيه في شرح التنبيه ما نصه (وكذا من يعتقد أن الله جالس على العرش كما حكاه القاضي حسين هنا عن نص الشافعي رضي الله عنه) انتهى كلام ابن المعلم القرشي.
والقَاضِي حُسَين مِن كِبَار الشّافِعيّة كَان يُلَقَّبُ حَبْرَ الأُمّةِ كَما كانَ عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس رضيَ اللهُ عَنهُمَا، وهوَ مِن الطّبقَةِ التي تَلِي الإمامَ الشّافِعيَّ وهُمُ الذينَ يُقَالُ لهُم أَصحَابُ الوُجُوه.
 
وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه أيضا (المجُسّم كافر) ذكره الحافظ السيوطي في الأشباه والنظائر )ص 488) والمشبهة مجسّمة فالشافعيّ كفرهم.
 
وقال الإمام أحمد رضي الله عنه (مَن قَالَ اللهُ جِسمٌ لا كالأجسَام كفَر) رواه عن الإمام أحمد أبو محمد البغدادي صاحب الخصال من الحنابلة كما رواه عن أبي محمد الحافظ الفقيه الزركشي في كتابه تشنيف المسامع 6-684.
 
وقال الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه في كتاب النوادر (من اعتقد أن الله جسم فهو غير عارفٍ بربه وإنّه كافر به).
 
وقَد نَقَل الحافظُ تقِيّ الدّين السّبكي أنّ الأئِمّةَ الأربعَة قَالُوا بتَكفِيرِ مَن نَسَبَ الجهَةَ إلى اللهِ.
 
ونَقلَ ابنُ حَجرٍ الهيتَميُّ في كتابِه المنهَاج القَويم عن الأئِمّة تكفِيرَهُم للمُجَسِّم فقَالَ في (ص 144) ما نَصُّه (واعلَم أنّ القَرافيَّ وغَيرَه حكَوا عن الشّافِعيّ ومَالكٍ وأحمدَ وأبي حَنيفَة رضيَ اللهُ عَنهُم القَولَ بكُفرِ القَائِلينَ بالجِهةِ والتّجسِيم وهُم حَقِيقُونَ بذَلكَ). اهـ
 
وذكر ملا علي القاري الحنفي في كتابه شرح المشكاة 137-2 إجماع الأمة على كفر من اعتقد أن الله تعالى في جهة.
 
وقال محمود الخطاب السبكي في كتابه إتحاف الكائنات (2-3) بأن الإمام العراقي صرح بكفر معتقد الجهة وبه قال أبوحنيفة ومالك والشافعي وأبو الحسن الأشعري والباقلاني، ونقله عنهم أيضا القرافي المالكي وابن حجر الهيتمي الشافعي.
 
وقال الكوثري (توفْي 1371هـ) وكيل المشيخة الإسلامية في دار الخلافة العثمانية في مقالاته ما نصه 231 (إن القول بإثبات الجهة له تعالى كفر عند الأئمة الأربعة هداة الأمة كما نقل عنهم العراقي على ما في شرح المشكاة لعلي القاري). اهـ
 
واعلم يا طالب الحق والهدى أنه لو لم يكن دليل على كفر المشبهة المجسمة الذين يصفون الله بالمكان أو الجهة أو الجلوس أو الاستقرار على العرش أو فوقه والقائلين بالحركة أو السكون فى حق الله تعالى إلا قوله تعالى (ليس كمثله شئ) لكفى.