يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حِفْظُ إِسْلامِهِ وَصَوْنُهُ عَمَّا يُفْسِدُهُ وَيُبْطِلُهُ وَيَقْطَعُهُ وَهُوَ الرِّدَّةُ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ تَعَالَى، قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ (الرِّدَّةُ أَفْحَشُ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ).
وَقَدْ كَثُرَ فِي هَذَا الزَّمَانِ التَّسَاهُلُ فِي الْكَلامِ حَتَّى إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ بَعْضِهِمْ أَلْفَاظٌ تُخْرِجُهُمْ عَنْ الإِسْلامِ وَلا يَرَوْنَ ذَلِكَ ذَنْبًا فَضْلاً عَنْ كَوْنِهِ كُفْرًا، وَذَلِكَ مِصْدَاقُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لا يَرَى بِهَا بِأْسًا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا) أَيْ مَسَافَةَ سَبْعِينَ عَامًا فِي النُّزُولِ وَذَلِكَ مُنْتَهَى جَهَنَّمَ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْكُفَّارِ. وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَنَّهُ، وَفِي مَعْنَاهُ حَدِيثٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ فِي الْوُقُوعِ فِي الْكُفْرِ مَعْرِفَةُ الْحُكْمِ وَلا انْشِرَاحُ الصَّدْرِ وَلا اعْتِقَادُ مَعْنَى اللَّفْظِ كَمَا يَقُولُ كِتَابٍ فِقْه السُّنَّةِ.
وَكَذَلِكَ لا يُشْتَرَطُ فِي الْوُقُوعِ فِي الْكُفْرِ عَدَمُ الْغَضَبِ كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ النَّوَوِيُّ، قَالَ (لَوْ غَضِبَ رَجُلٌ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ غُلامِهِ فَضَرَبَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَلَسْتَ مُسْلِمًا؟ فَقَالَ: لا، مُتَعَمِّدًا كَفَرَ) وَقَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ حَنَفِيَّةٍ وَغَيْرِهِمْ.