إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ إِلَّا بِالتَّقْوَى) رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ.
العجمي خلاف العربي وقد يحسن اللغة العربية، أمّا الأعجمي فهو من كان في لسانه عجمة عند نطقه باللغة العربية وَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا وإن أفصح بالعجمية كالعربي الذي يعيش في بلاد العجم.
قال الرّازيُّ في مختار الصّحاحِ (الْأَعْجَمُ) أَيْضًا الَّذِي لَا يُفْصِحُ وَلَا يُبَيِّنُ كَلَامَهُ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْعَرَبِ وَالْمَرْأَةُ (عَجْمَاءُ) وَ(الْأَعْجَمُ) أَيْضًا الَّذِي فِي لِسَانِهِ عُجْمَةٌ وَإِنْ أَفْصَحَ بِالْعَجَمِيَّةِ.
وقال الفيومي في المصباح المنير(ع ج م) الْعُجْمَةُ فِي اللِّسَانِ بِضَمِّ الْعَيْنِ لُكْنَةٌ وَعَدَمُ فَصَاحَةٍ، وَعَجُمَ بِالضَّمِّ عُجْمَةً فَهُوَ أَعْجَمُ وَالْمَرْأَةُ عَجْمَاءُ وَهُوَ أَعْجَمِيٌّ بِالْأَلِفِ عَلَى النِّسْبَةِ لِلتَّوْكِيدِ أَيْ غَيْرُ فَصِيحٍ وَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا.
كان النبي صلى الله عليه وسلم أعظم خَلق الله صلى الله عليه وسلم على درجة رفيعة من الخُلق مع صحابته الكرام رضوان الله عليهم، فلم يكن يستعلي على أحد منهم بل كان متواضعا وكان يقابلهم بالوجه الحسن المبتسم ويكلمهم بأسلوب هادىء رزين ويشاركهم في أفراحهم وأتراحهم، وكان يعامل الصحابة جميعا معاملة واحدة حتى يظن أحدهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يعامل أحدا بمثل ما يعامله من الرفق واللطف، كما أنه عليه الصلاة والسلام كان يشاورهم في الحروب دون تمييز أو تفريق بينهم عربا كانوا أم عجما، فقد أخذ برأي سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه بحفر الخندق في غزوة الأحزاب، وجعل سيدنا بلالا رضي الله عنه مؤذنه الخاص وهو حبشي وقال عليه الصلاة والسلام (أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى) رواه الإمام أَحمد.
فينبغي أن يلتفت الزعماء والمسؤولون والتجار والعلماء والموظفون وسائر الناس إلى هذه الأخلاق النبيلة التي اتصف بها الرسول عليه الصلاة والسلام ليجعلوها صفة دائمة في حياتهم مع الناس فلا يتكبروا على عباد الله ولا يظلموهم ولا يغشوهم ولا يصعبوا أمورهم فإن الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم يوصل إلى الفلاح والسعادة في الدارين.