إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
حديث (المَدِينَةُ تَنفِي خَبَثها كما يَنفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيْد) رواه أحمد والبخاري ومسلم، معنى الحديث إمّا قَبلَ مَوتِه يَرحَل فيَموتُ خَارجَها، ويحتَمِلُ أنّ الملائكةَ تَنقُلُه إنْ ماتَ فيها.
(المَدِينَةُ تَنفِي خَبَثَها) مَعنَاهُ تَطرُدُ الكَافرَ ولا تَقبَلُه، بَعضُهُم في حَياتِهم يُخرَجُونَ وبَعضُهُم بَعدَ مَوتِهم، عبدُ العزيز بن صَالح كانَ مِن أخفّ الوهّابيّة على أهلِ السُّنّة ومعَ ذلكَ المدينَةُ مَا قَبِلَتْهُ.
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أُمِرتُ بقَريَةٍ تَأكُلُ القُرَى يَقُولُونَ يَثرِب وهيَ المدينَةُ تَنفِي النّاسَ كَمَا يَنفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيد) رواه البخاري ومسلم والنسائي ومالك وابن حبان وأحمد والبزار.
قال ابنُ الأثِير في النّهَاية (أُمِرْتُ بقَرْيَةٍ تَأكُلُ القُرَى) هيَ المدينَةُ أي يَغلِبُ أَهلُها وهُمُ الأنصَار بالإسلام على غَيرِها مِنَ القُرى ويَنْصُر اللّهُ دِينَهُ بأهلِها، ويَفتَحُ القُرَى علَيهِم ويُغَنِّمُهُم إيَّاها فيَأكُلُونَها.
أبو بَكرٍ الجَزائِريّ لما جاءَ المدينةَ صَارَ يَجِدُ الغَائِطَ في بَيتِه وتَحتَ مِخَدَّتِه وعلى فِراشِه وفي مَجلِسِه فأَحْضَرَ مَشَايخَ الوهّابيّةِ ليَقرَؤوا لهُ فقَرَؤوا لهُ فصَارُوا يَجِدُونَ الغَائطَ في بيُوتِهم ثم خرَجَ مِنَ المدينَةِ إلى الرّيَاض.