إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلـم قال (تَسَمَّوْا بِاسْـمِي وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي، وَمَنْ رَآنِي فِي الـمنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري.
وعن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ سَـمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلـم يقول (مَنْ رَآنِي فِي الـمنَامِ فَسَيَرَانِي فِي اليَقَظَةِ) رواه أبو داود.
العلماءُ اتفقوا على أنّ من رأى رسولَ اللهِ مـحمدا في منامه على صورته الأصلية التي كان عليها رسول الله له البشرى أن يـموت على الإيـمان.
فمن رأى الرسول في الـمنام على صورته الأصلية كما جاء في الأحاديث أنّه صلى الله عليه وسلـم أبيض البشرة مشربا بالحمرة وجناته ورديه صلى الله عليه وسلـم، ووجهه كأنه البدر ليلة التمام كما قال أبو هريرة، حدقتاه شديدا السواد وبياض عينيه شديد تتخلله خطوط حمراء خفيفة، وكان صلى الله عليه وسلـم واسع الجبين، وكان أنفه دقيقا مرتفعا ارتفاعا خفيفا، وكان صلى الله عليه وسلـم معتدل البدن ليس بالثخين ولا بالنحيف، وكان عريضَ ما بين الـمنكبين وليس بالقصير ولا بالطويل وإنـما على الطول أقرب وكان إذا مشى يـمشي خطوات سريعة وكان إذا تكلـم في بعض الأحيان ينظر إلى السماء وإذا سكت نظر إلى جهة الأرض.
هذا شئ موجز ومـختصر عن وصف رسول الله، شديد سواد الشعر، ليس في شعر رأسه ولحيته من الشيب إلا نحو العشرين شعرة، فمن رأى الرسول في الـمنام على هذه الصفات الأصلية فإنها بشرى له أن يـموت على الإيـمان حتى ولو كان كافرا ورأى الرسول في الـمنام لا بدّ أن يسلـم قبل الـموت ويـموت مؤمنا، هكذا اتفق العلـماء بالإجماع في حقّ من رآه على صفته الأصلية.
وأما من رآه على غير الصفة الأصلية فإن للعلـماء خلافا، ثم قوله عليه الصلاة والسلام (من رآني في الـمنام فسيراني في اليقظة) من هذا الحديث فهم العلـماء أنّ الذي يرى الرسول صلى الله عليه وسلـم في الـمنام على صورته الأصلية لا بدّ أن يرى الرسول يقظة قبل الـموت.
عند الاحتضار وهو يحتضر يكشف الله عنه الحجاب فيرى الرسول في قبره، عندَ الموت يَرى الرّسولَ صلى الله عليه وسلم يَقظَةً بقُوّةِ نُورِ الرّسولِ تُطوَى لهُ المسَافَةُ وتَصِيرُ الجِبالُ لهُ كالزُّجَاج فيَرى الرّسولَ في قَبرِه.