إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

حَديث (سِبابُ المسلِم فُسُوقٌ وقِتالُه كُفرٌ) رواه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم، وهذا لبيان عِظَمِ ذنبه.
 
الذي يقتل مؤمنا لغرض دنيويّ وليس لأنه مسلم مؤمن لا يُعَدّ هذا كفرا مخرجا من الإسلام وإنما يُعَدّ هذا ذنبا كبيرا، هذا الذنب أشدّ الذنوب بعد الكفر.
 
حَديث (سِبابُ المسلِم فُسُوقٌ وقِتالُه كُفرٌ) هَذا لا يُعمَلُ بظَاهِره بل يُؤوَّل وكذلكَ حَديث (مَن تَركَ الصّلاةَ فَقد كَفَر) يؤوَّل وهذا الحديث رواه ابنُ حِبّان ومعناهُ قَارَب الكُفر، معناهُ صَارَ قَريبًا مِنَ الكُفر.
 
جمهور الفقهاء لا يكفرون تارك الصلاة كسلا وإنما يعتبرونه فاسقا إلا إذا استخف بها أو جحد فرضيتها فيكفر عند ذلك ودليلهم ما رواه الإمام أحمد في المسند (ج 5-317) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خمس صلوات افترضهن الله على عباده من أحسن وضوأهن وصلاتهن لوقتهن فأتم ركوعهن وسجودهن وخشوعهن كان له عند الله عهد ان يغفر له ومن لم يفعل فليس له عند الله عهد إن شاء غفر له وإن شاء عذبه) وفي رواية لأبي داود (ج 1-451) ولمالك في الموطأ (ص111) (إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة).
 
ووجه الدليل قوله صلى الله عليه وسلم (إن شاء غفر له) ودليل ذلك قول الله تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء). ويقول الإمام الطحاوي المولود سنة 227هـ في عقيدته التي ذكر أنها بيان عقيدة أهل السنة والجماعة (ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله). اهـ
 
قال المحدث الشيخ عبد الرؤؤف المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير (ج 3-430) حرف الخاء(خمس صلوات كتبهن اللّه على العباد فمن جاء بهنّ لم يضيع منهنّ شيئا استخفافاً بحقهنّ) (قال الباجي: احترز عن السهو وقال ابن عبد البر: تضييعها أن لا يقيم حدودها (كان له عند اللّه عهد أن يدخل الجنة) أي مع السابقين أو من غير تقديم عذاب (ومن لم يأت بهنّ) على الوجه المطلوب شرعاً (فليس له عند اللّه عهد إن شاء عذبه) عدلاً (وإن شاء أدخله الجنة) برحمة فضلاً فعلم من هذا وما قبله وبعده أن تارك الصلاة لا يكفر وأنه لا يتحتم عذابه بل هو تحت المشيئة (مالك حم د ن ه حب ك عن عبادة بن الصامت) قال الزين العراقي وصححه ابن عبد البر). اهـ
 
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم (ج – ص 2 – 71) وأمَّا تارك الصَّلاة فإن كان منكرًا لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين، خارج من ملَّة الإسلام إلاَّ أن يكون قريب عهد بالإسلام، ولم يخالط المسلمين مدَّة يبلغه فيها وجوب الصَّلاة عليه.