حَصَلَ عَنْ أَكْثَرَ مِن وَاحِدٍ مِنَ المَالِكِيَّةِ أَنَّهُ مَنَعَ مِنَ الاسْتِنْجَاءِ بِالمَاءِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّحْرِيْمِ، أَكْثَرُ السَّلَفِ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالحَجَرِ.
قَالَ المَازِرِيُّ المَالِكِيُّ (تُوفّي 536 هـ) فِي شَرْحِ التَّلْقِيْنِ (فَأَمَّا الاسْتِنْجَاءُ بِالمَاءِ فَجَائِزٌ عِنْدَ الجُمْهُورِ، وَحُكِيَ عَن بَعْضِ السَّلَفِ كَرَاهَتُهُ، وَرَأَى أَنَّ المَاءَ (العَذْبَ) مَطْعُومٌ فَلَهُ بِذَلِكَ حُرْمَةٌ تَمْنَعُ مِن جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ فِي سَائِرِ النَّجَاسَاتِ كَسَائِرِ المَطْعُومَاتِ) اهـ وَهَذَا قَوْلٌ مَرْدُودٌ.
وَقَالَ الحَطَّابُ الرُّعَيْنِيُّ المَالِكِيُّ فِي مَوَاهِبِ الجَلِيْلِ (وَدَخَلَ فِي حَدِّ الْمُطْلَقِ الْمَاءُ الْعَذْبُ وَلَا أَعْلَمُ فِي جَوَازِ التَّطْهِيرِ بِهِ خِلَافًا فِي الْمَذْهَبِ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَغَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَنَقَلَ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي عَنْ ابْنِ التِّينِ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَنْعَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ، قُلْتُ: تَعْلِيلُهُ بِأَنَّهُ مَطْعُومٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَرَادَ الْعَذْبَ وَهَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الْمَذْهَبِ وَكَلَامُ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَلَا نُبِيحُ الْيَوْمَ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحِجَارَةِ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ لِأَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ تُرِكَ وَجَرَى الْعَمَلُ بِخِلَافِهِ انْتَهَى). اهـ
ثُمَّ قَالَ (قُلْت وَهَذَانِ النَّقْلَانِ غَرِيبَانِ وَالْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ مَنَعَ الِاسْتِجْمَارَ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ بَلْ لَا أَعْرِفُهُمَا فِي الْمَذْهَبِ). اهـ