فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ مَن وَصَلَ مُسَافِرًا إِلَى بَلَدٍ لَهُ فِيْهَا زَوْجَةٌ لَيْسَ لَهُ جَمْعٌ وَقَصْرٌ
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْمُغْنِي مَا نَصُّهُ (وَإِنْ مَرَّ فِي طَرِيقِهِ عَلَى بَلَدٍ لَهُ فِيهِ أَهْلٌ أَوْ مَالٌ فَقَالَ أَحْمَدُ فِي مَوْضِعٍ يُتِمُّ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ يُتِمُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَارًّا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ إذَا مَرَّ بِمَزْرَعَةٍ لَهُ أَتَمَّ، وَقَالَ مَالِكٌ إذَا مَرَّ بِقَرْيَةٍ فِيهَا أَهْلُهُ أَوْ مَالُهُ أَتَمَّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ يَقْصُرُ مَا لَمْ يُجْمِعْ عَلَى إقَامَةِ أَرْبَعٍ، لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ لَمْ يُجْمِعْ عَلَى أَرْبَعٍ، وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ صَلَّى بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَأَنْكَرَ النَّاسُ عَلَيْه، فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنِّي تَأَهَّلْتُ بِمَكَّةَ مُنْذُ قَدِمْتُ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ تَأَهَّلَ فِي بَلَدٍ فَلْيُصَلِّ صَلَاةَ الْمُقِيمِ) رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (إذَا قَدِمْتَ عَلَى أَهْلٍ لَكَ أَوْ مَالٍ فَصَلِّ صَلَاةَ الْمُقِيمِ)، وَلِأَنَّهُ مُقِيمٌ بِبَلَدٍ فِيهِ أَهْلُهُ فَأَشْبَهَ الْبَلَدَ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ) انْتَهَى كَلَامُ الْمُغْنِي.
وجاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير لمحمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي (قَوْلُهُ وَقَطَعَهُ دُخُولُ وَطَنِهِ أَوْ مَكَانُ زَوْجَةٍ) أَيْ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْمُرُورِ بِهِمَا مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ فَلَا يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَلَوْ حَاذَاهُ وَلِذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّمَا يَمْنَعُ الْمُرُورُ بِشَرْطِ دُخُولِهِ أَوْ نِيَّةِ دُخُولِهِ لَا إنْ اجْتَازَ وَالْمُرَادُ بِمَكَانِ الزَّوْجَةِ الْبَلَدُ الَّتِي هِيَ بِهَا لَا خُصُوصُ الْمَنْزِلِ الَّتِي هِيَ بِهِ.