إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) (سورة الأحزاب آية 59).
قولُ الله تعالى (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ)، الحرائرُ أقرَبُ للسّلامة مِن أذَى السُّفَهاء إذا تَميَّزن عن الإماء لأنّ الفُسّاقَ كانوا يتَعرَّضُونَ للحَرائر إن ظنّوهن إماءً، ففِي سَتر الحرّة رأسَها وعُنُقَها سَلامَة مِن تَعرُّض الفُسّاق لهنّ لأنّه حصَلَت عَلامَةٌ فارقَة، الإماءُ ليسَ علَيهنّ سَترُ العنُق والرأس إذا خَرجْن.
تنبيه:
قال ابنُ قُدامةَ الحَنبلِي في المُغني (وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ جَمِيعُ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا، وَمَا سِوَى ذَلِكَ يَجِبُ سَتْرُهُ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) (النور 31) قَالَ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى الْمُحْرِمَةَ عَنْ لُبْسِ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ وَلَوْ كَانَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ عَوْرَةً لَمَا حَرُمَ سَتْرُهُمَا). اهـ
وَاللهُ أَعْلَمُ.