إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:

قول الله تعالى: “فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ” (سورة البقرة، الآية 37)،
 
أشار الإمام مالك رضي الله عنه وارتضاه هو وكثير من أهل العلم ورووه في كتبهم أنه توسل آدم عليه السلام بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، ويدلّ عمل الإمام مالك وهو إمام الأئمة إمام أهل المدينة رضي الله عنه، على إقراره وتصحيحه لحديث توسل آدم بسيدنا محمد صلى الله عليهما وعلى سائر النبيين وسلم وهو في مستدرك الحاكم ودلائل النبوة للبيهقي وغيرهما كثير،
 
وذكره القاضي عياض بإسناده إلى مالك في كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى قال: “ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكاً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
 
فقال له مالك يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله تعالى أدّب قوماً فقال “لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي” الآية،
 
ومدح قوماً فقال “إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله” الآية،
 
وذمّ قوماً فقال “إن الذين ينادونك” الآية،
 
وإن حرمته صلى الله عليه وسلم بعد موته كحرمته حياً،
 
فاستكان لها أبو جعفر وقال يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو؟ أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟،
 
فقال مالك رضي الله عنه “ولماذا تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله تعالى، بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله فيك، قال الله تعالى “ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما” اهــ.
 
كذلك ذكره الإمام المجتهد تقي الدين السبكي في شفاء السقام في الرد على الضالّ ابن تيمية الحراني المجسم المشبه لله بخلقه والعياذ بالله تعالى،
 
وذكره السيد السمهودي في خلاصة الوفا والعلامة القسطلاني في المواهب اللدنية والعلامة ابن حجر في الجوهر المنظم وغيرهم كثير